الاضطرابات الذهانية الناتجة عن الإدمان والتي تعرف بمفهوم علاج التشخيص المزدوج , حيث أصبح مصطلح علاج التشخيص المزدوج من أشهر المصطلحات في عالم الإدمان والتعاطي فحين يصاحب الإدمان مرض نفسي فهنا تزداد المشكلة سوءاً وتتفاقم وحينها يتحول مريض الإدمان إلى مريض تشخيص مزدوج , والمرض النفسي بجانب مرض الإدمان لا شك أنهما مشكلتان بحاجة إلى التدخل من قبل المختصين والإسراع في العلاج من قبل مراكز علاج الإدمان التي توفر برامج التشخيص المزدوج .

ويعد برنامج علاج التشخيص المزدوج أحد البرامج العلاجية الهامة التي تتم في مستشفي اختيار للطب النفسي وعلاج الادمان في ظل أساتذة الطب النفسي وأساتذة علاج الإدمان وللمركز شهرة واسعة في علاج التشخيص المزدوج, وهناك العديد من الحالات التي تعافت من التشخيص المزدوج ولله الحمد ولا زال طريق العطاء مستمراً لعلاج مرضي التشخيص المزدوج .

الاضطرابات النفسية الناتجة عن الإدمان ” التشخيص المزدوج “

آثار المخدرات علي العقل والعلاقة بين الاضطرابات النفسية والإدمان قوية ومؤثرة ولا تختلف آراء الباحثون والدارسون المختصون حولها ما بين سبب أو نتيجة , فعادة ما يكون المرض النفسي من أعراض مرض الإدمان , كما أن هناك العديد من الأشخاص المدمنين يكون التشخيص الأساسي لهم هو المرض النفسي مثل الأمراض العصابية كاضطرابات النوم واضطراب القلق والاكتئاب .

بالإضافة إلى أن هناك العديد من المرضى النفسيين ومن يعانون من الحزن والفقد أو الاكتئاب يعتقدون خطأً أو من خلال توصيات الأصدقاء أو من قبل المروجين بان المخدرات هي السبيل الوحيد للخلاص من حالة الحزن والكآبة ثم ما يلبث هؤلاء إلا أن يصيروا تحت وطأة المخدرات وفي حالة أقسى وأشد من الألم النفسي أو بشكل علمي أدق قد أصبحوا مرضي ” تشخيص مزدوج “.

لا شك أن التعامل مع الإدمان أمرا صعباً للغاية فكيف إذا صاحب الإدمان اضطرابات نفسية وانفعالية ؟ بالطبع سيزداد الأمر سوءاً , لكن تري ما هي الاضطرابات الذهانية الناتجة عن الإدمان ؟ وهل المرض النفسي يسبق الإدمان أم العكس ؟ وما هي مراحل علاج التشخيص المزدوج ؟ هذا ما سنتعرف عليه خلال هذا الموضوع إن شاء الله .

الاضطرابات النفسية كسبب للإدمان على المخدرات ؟

كما سبق القول بأن الإدمان والاضطرابات النفسية وجهان لعملة واحدة وكلاهما يؤثر ويؤدي إلى الآخر , ومن ناحية تأثير الاضطرابات النفسية وكونها سبب في الإدمان وتعاطي المخدرات .

تشير أحد الأبحاث العلمية بأن  الشخص المدمن عادة ما يقبل علي الإدمان باعتباره إجهاضا للمرض النفسي قبل أن يكون إعلانا لمرض جديد كبديل , لذا فهو بديل للمرض النفسي أكثر منه مرضاً في حد ذاته .

كما تؤكد الدراسات أن الأشخاص المدمنين يعانون من أحد الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق لكنهم يحاولون علاج أنفسهم بعيدا عن الذهاب للطبيب النفسي حتى لا يصفهم الآخرين بالجنون .

وكما يشير نوينسكي بان عامل الضغوط  يلعب دوراً هاما في تعاطي المراهقين للمواد التي تسبب الإدمان وتتمثل أعراض الضغوط في العصبية والاستثارة والقلق والأرق والهياج واضطرابات النوم واضطراب الشهية بالإضافة الصعوبة التركيز .

من هذا المنطلق نستطيع القول بأن بعض الاضطرابات النفسية والسمات الشخصية يمكن النظر إليها بأنها أسباب رئيسية للإدمان على المخدرات , وحتى مع الزعم بأن تعاطي المخدرات ناتج عن الفضول وحب التجربة من الأشخاص إلا أنه في الحالات الشديدة يكون نتيجة اضطراب مزمن في الشخصية وخاصة الاضطراب السيكوباتي الذي لوحظ في العديد من الحالات .

الإدمان في السعودية والاضطرابات الشخصية المصاحبة

علاج التشخيص المزدوج في السعودية يعاني من نقص كبير من الخبراء النفسيين وخبراء علاج الإدمان الذين لديهم خبرات في علاج الاضطرابات النفسية الناجمة عن التعاطي ,  ففي الواقع لا تتوقف مخاطر المخدرات في هذا العصر على أنها تؤدي إلى الإدمان فحسب إلا أن هناك مشكلة كبرى تنجم عن تلك السموم المدمرة وهي أن تلك السموم تؤدي إلى مشاكل واضطرابات نفسية وذهانية ناجمة عن التعاطي خاصة في المخدرات المنتشرة في السعودية.

وأشهرها الكبتاجون وتلك الحبوب المستوردة والتي تعد حبوب صيني ومضروبة تتسبب في إحداث خلل في الدماغ ومن ثم حدوث مشاكل صحية كبرى وتؤدي إلى اضطرابات ذهانية مصاحبة , كما أن الحشيش في السعودية حشيش مضروب كذلك, ومن هنا يحدث خلل في الدماغ فلا يتوقف ضرر تعاطي المخدرات في السعودية على الإدمان فحسب بل إن هناك اضطرابات عصيبة تنجم عن تعاطي تلك السموم .

الاعتلال المشتركة بالاضطرابات الإدمانية

في حقيقة الأمر فإن برنامج التشخيص المزدوج من أهم البرامج العلاجية التي يجب الاهتمام بها فقد تراكمت العديد من الأدبيات التي تدل على أن الاضطرابات العقلية ترتبط بشدة باضطراب تعاطي المخدرات مما يجعل برامج التشخيص المزدوج من الأهمية بمكان .

وقد وجدت دراسة استقصائية قد تمت في أمريكا بأن هناك 17% من الأشخاص البالغين والمصابين بمرض عقلي يكون لديهم اضطراب تعاطي المواد والعقاقير المخدرة يعني حوالي 8 مليون شخص في أمريكا فحسب لديهم اعتلال مشترك بالاضطرابات الإدمانية , وتشير التقديرات بأن حدوث الاضطرابات المتزامنة في كند أعلى من ذلك حيث تتراوح النسبة بين 40% إلى 60% .

ومن خلال إحدى الدراسات التي قد أجريت في كيسلر بأمريكا في محاولة لتقيم مدى انتشار التشخيص المزدوج بين الأشخاص فقد وجد أن هناك نسبة 47% من الأشخاص المرضى يعانون من اضطراب تعاطي المخدرات في وقت ما من حياتهم وأن احتمالية تطوير مرض الإدمان لدي أولئك الأشخاص الذين لديهم الاضطرابات والأمراض النفسية والعقلية أعلى بكثير من احتمالات تطوير الإدمان في غيرهم .

إقرأ أيضاً: ما العلاقة بين حبوب الكبتاجون والهلوسة؟

ما هي الاضطرابات النفسية الناتجة عن الإدمان على المخدرات ؟

الاضطرابات النفسية الناتجة عن الإدمان تتضمن مجموعة من الاضطرابات النفسية التي تختلف في شدتها وحدتها لكن جميع تلك الاضطرابات النفسية تشترك في أن مرجعها عائد إلى سوء استخدام لعقار أو عدة عقاقير أو تعاطي الخمور وغيرها من المواد المسببة للإدمان ومن أبرز تلك الاضطرابات النفسية التي تنتج عن تعاطي المخدرات ما يلي :-

  1. الاكتئاب:- يعد الاكتئاب أشهر الاضطرابات النفسية الناتجة عن سوء استخدام العقاقير المخدرة , وقد دعمت الدراسات الإمبريقية ما أقره التراث النظري بأن هناك علاقة مؤثرة بين تعاطي المخدرات والإصابة بالاكتئاب , وقد أوضحت دراسات مختصة وجود علاقة جوهرية بين الاكتئاب وسوء استخدام كل من الهيروين والحشيش والأمفيتامين والباربيتيورات .
  2. الاضطرابات الذهانية :- يؤدي سوء استخدام المثبطات إلى أعراض ذهانية شديدة , فالإدمان علي الكحول قد يؤدي إلى مضاعفات عقلية من أهمها تدهور الشخصية والإتيان بسلوك شاذ مضاد للمجتمع مع ظهور الذهان مثل حالة كورساكوف والهذاءات البارانوية الاضطهادية .

كما أكدت الدراسات أن تعاطي المهلوسات خاصة عقار L.S.D  يؤدي بدوره إلى أعراض اكتئابية وهوسية أو فصامية أو مزيجا من تلك الأعراض السابقة , ووفق لما جاء في الدليلي التشخيصي والإحصائي فان المهلوسات تؤدي إلى ظهور الأعراض الذهانية البارانوية والانسحاب المجتمعي .

  1. الفصام :- وهو أحد الاضطرابات الذهانية التي تصيب العقل البشري وتصاحب الإدمان على المخدرات  , وتتراوح نسبة الأشخاص المدمنين المصابين بهذا الاضطراب 10%, ومن أبرز الأعراض المصاحبة للاضطراب الهلاوس السمعية والبصرية واضطرابات في السلوك مع عدم القدرة على التعبير عن المشاعر واضطرابات في التفكير , ويحتاج علاج الفصام إلى تعامل من خلال المختصين في علاج الأمراض الذهانية من خلال برامج العلاج السلوكي وبرامج التأهيل بشكل خاص .

4- اضطرابات القلق :- يعاني الأشخاص الذين يتعاطوا العقاقير المخدرة والمواد المسببة للإدمان من اضطرابات القلق وتظهر عليهم أعراض الاضطراب بوضوح , وقد ترجع هذه الأعراض نتيجة حالة التسمم أو حالة الانسحاب , وقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن اضطرابات القلق والخوف شائع بدرجة كبيرة بين الأشخاص المدمنين خاصة مدمني الكحوليات مما يؤدي بدوره إلى ظهور مشاعر طويلة من القلق والتوتر مما يؤدي إلى تعاطي الكحول كعلاج ذاتي لهذا الاضطراب .

وقد أوضح الدراسات المختصة بان الانسحاب الكحولي الحاد يشمل بطرق نموذجية اضطراب القلق والتهيج والأرق والاكتئاب, كما يؤدي التسمم بكل من الكوكايين والماريجوانا إلى ظهور أعراض القلق والذعر وتتمثل هذه الأعراض في خفقان القلب والتوتر الشديد والتعرق مع ارتفاع في درجة الحرارة واتساع ملحوظ في حدقة العين , ووفق لما جاء في الدليل التشخيصي والإحصائي فان الإقلاع عن تعاطي الأمفيتامين أو تقليل الجرعة المتعاطاه يعقبه مزاج قلق واكتئاب مع وجود أرق شديد وهياج نفسي .

5- اضطراب الوسواس القهري :- مرضي الوسواس القهري عادة ما يكون لديهم مشكلات مع إدمان العقاقير المنومة والمسكنة والتي تعمل على تثبيط الجهاز العصبي المركزي , فأعراض الوسواس القهري تظهر بوضوح لدي الأشخاص متعاطو الباربيتيور خاصة في حالة التسمم .

تعرف علي: متى يموت مريض الفصام

اضطراب تعاطي المخدرات

اضطراب تعاطي المخدرات هو حالة يعاني فيها الفرد من تعاطي الأدوية المخدرة بشكل متكرر ومستمر، ويصبح هذا التعاطي مسيطرًا على حياته اليومية ويؤثر على صحته النفسية والجسدية وعلاقاته الاجتماعية والعملية. وقد يؤدي التعاطي المستمر للمخدرات إلى الإدمان، وهو حالة تتسم بعدم القدرة على التوقف عن تناول المخدرات والشعور بالحاجة الملحة لها.

يمكن أن يتضمن اضطراب تعاطي المخدرات العديد من الأعراض النفسية والجسدية والسلوكية، بما في ذلك الرغبة الملحة في تعاطي المخدرات، والتحمل لتأثيراتها، وعدم القدرة على التحكم في تعاطيها، والانسحاب عند توقفها، والتفكير المهووس بها، والتقليل من الاهتمام بالنشاطات الاجتماعية والعملية، وزيادة الوقت الذي يقضيه الفرد في البحث عن المخدرات وتعاطيها.

يتطلب علاج اضطراب تعاطي المخدرات عادةً مجموعة من الخطوات المتدرجة، منها الإدراك والتقبل لوجود المشكلة، والتعرف على الأسباب والعوامل المؤدية للإدمان، والعلاج النفسي والطبي، والدعم الاجتماعي والعائلي. ويجب أن يكون العلاج شاملاً وفقًا لاحتياجات الفرد وظروفه الخاصة، وقد يشمل العلاج الأدوية المساعدة على تخفيف الأعراض الانسحابية والتحكم في الرغبة في تعاطي المخدرات، والعلاج النفسي الذي يستخدم عادة العلاج السلوكي المعرفي والعلاج الجماعي والفردي.

كما أن الدعم الاجتماعي والعائلي يمكن أن يكون مفيدًا في علاج اضطراب تعاطي المخدرات، حيث يمكن أن يساعد الأفراد على التغلب على العزلة والوحدة والتحسين من علاقاتهم الاجتماعية والعائلية، ويمكن أن يوفر الدعم العاطفي والمعنوي الذي يحتاجونه خلال هذه الفترة الصعبة.

ومن المهم أيضًا العمل على الوقاية من اضطراب تعاطي المخدرات، وذلك من خلال التوعية والتثقيف حول مخاطر تعاطي المخدرات والعواقب الصحية والاجتماعية والقانونية الناجمة عنه، وتعزيز الأساليب الصحية للتعامل مع الضغوط والمشاكل الحياتية بدلاً من اللجوء إلى التعاطي المخدرات كوسيلة للتخفيف منها.

وفي النهاية، يجب على الفرد الذي يعاني من اضطراب تعاطي المخدرات أن يبحث عن المساعدة والدعماللازمين لعلاج هذه الحالة، سواء من خلال الاتصال بمركز علاج الإدمان أو طبيب نفسي أو مستشار صحي، والعمل على تطبيق الخطوات اللازمة للتخلص من الإدمان والحفاظ على صحة جسمه وعقله وعلاقاته الاجتماعية والعملية.

أحدث تجربة لعلاج مرضي التشخيص المزدوج في العالم العربي

وفي الواقع ليس هناك العديد من مصحات علاج الإدمان والتي تقدم خدمات علاج التشخيص المزدوج لأنه من أصعب أنواع العلاجات على الإطلاق وليس من السهولة تطبيق هذا البرامج إلا من خلال المختصين وأصحاب الخبرات.

ومن هنا فقد بدأ العمل في برنامج التشخيص المزدوج في 2010 من خلال مستشفي ميديكال للطب النفسي وعلاج الإدمان في مصر, وقد كانت تلك التجربة العلاجية الرائدة في العالم العربي ليس في مصر فحسب ومن خلال الاعتماد على برنامج الاثني عشر خطوة لعلاج الإدمان والذي أظهر نجاحاته وفعاله في علاج الإدمان وهو من أفضل برامج علاج التشخيص المزدوج على الإطلاق .

كما اظهر برنامج الاثني عشر خطوة فعالية كبرى في علاج إدمان الكحوليات وعلاج إدمان المخدرات وقد تبين من خلال السنوات الماضية بأن هناك نسبة كبيرة من المرضي لم يحققوا نسب عالية من النجاح بشكل ملحوظ بالرغم من تكرار العلاج بأكثر من مرة , إلا أنه  من خلال الملاحظة والتي أفادت وأوضحت بأن هناك صعوبات في التدرج ضمن البرامج العلاجية مع الأشخاص الذين يعانون من الإدمان على المخدرات بسبب وجود اضطرابات نفسية وذهانية مصاحبة.

فلم يعد الأمر متوقف على الإدمان فحسب بل إن هناك العديد من الأمراض والاضطرابات المصاحبة لمرض الإدمان مثل الاكتئاب والقلق والفصام أو الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية أو غيرها من الأعراض الذهانية التي والتي تصاحب مرض الإدمان .

ما هي الطرق من أجل علاج الاضطرابات المتزامنة

في حقيقة الأمر فإن هناك العديد من الطرق التي يتم اتباعها من أجل علاج الاضطرابات النفسية والذهانية التي تصاحب مرض الإدمان وعلاج التشخيص المزدوج في الأماكن المخصصة للعلاج , ومن ضمن برامج علاج التشخيص المزدوج ما يلي :-

1-العلاج الجزئي وهو يشمل علاج الاضطراب الذي يعتبر الأساس فقط .

2-العلاج المتسلسل وفي تلك العلاجات يتم علاج الاضطراب الذي يسبب الفوضى في البداية ومن ثم علاج الاضطراب الثانوي بعد علاج الاضطراب الرئيسي ,.

3-العلاج المتوازي حيث يتلقى الشخص المريض العلاج من الإدمان من أحد المرافق الصحية التي تختص بعلاج الاضطرابات النفسية والذهانية , ويتلقى علاج الإدمان من مرفق آخر .

4- العلاج المتكامل وفي هذا النوع من العلاج يتم مزج تلك التدخلات في حزمة معالجة واحدة متماسكة ومن ثم يتم تطويرها مع التقارب بين مقدمي الرعاية الصحية وهو من أنجع العلاجات التي تتم في مراكز علاج الإدمان والطب النفسي وهذا البرنامج المعتمد لدينا في مستشفى ميديكال للطب النفسي وعلاج الإدمان ,حيث يكون الشخص المريض خاضعاً للعلاجات النفسية والعلاجات الدوائية في جهتي العلاج للإدمان من جهة وعلاج الاضطراب النفسي والذهاني من جهة أخرى .

مصادر الموضوع

علاقة الإدمان بالاضطرابات النفسية

اسباب الاضطرابات النفسية وطرق العلاج