على الرغم من خطورة المخدرات والتي باتت كابوساً حقيقياً وشبحاً يلاحق المجتمعات قاطبة فقد غزت المخدرات العالم أجمع ولم يعد اختلاف الثقافات ولا الأعراق مانعاً من تفشي المخدرات حتى في المجتمعات الإسلامية استطاع تجار المخدرات أن يصلوا إلى الكثير من الشباب المغيب وها هي السعودية والتي تعد المستورد الأول لحبوب الكبتاجون في العالم ولا شك أن هناك أيدي خفية تحاول أن توقع بالمملكة البلد التي لها مكانة كبرى في قلوب مسلمي العالم .

وبعد أن أصبح  الإدمان هو الإرهاب الخفي الذي يدمر المجتمعات فلم يعد الأمر مقتصراً على الحكومات بل يجب أن يعي الجميع أن علاج الإدمان والسعي نحو مجتمع خال من الإدمان مسؤولية الجميع فلو تركنا لتجار السموم الحبل على غاربه لامتلأ المجتمع بالسموم ولضاع العالم ولغرقت السفينة التي تحملنا جميعاً .

أغلب قصص الإدمان على التدخين بل والإدمان على المخدرات كانت سيجارة من يد صديق في ليلة من الليالي في مرحلة المراهقة المضطربة والرغبة العارمة من المراهق الذي يحاول أن يتحسس طريقه نحو النضج وإثبات ذاته , وكما أن إدمان السجائر إحدى الحكايات التي لها بداية ولكن ليس لها نهاية ولا يختلف الأمر كثيراً عن المخدرات فقد تكون السجارة من التبغ أو سيجارة المخدرات نهايتها أن تدفن بين أصابع صاحبها وهم يسدلون عليه التراب في تعداد الموتى !

التدخين وإدمان المخدرات داء العصر الحالي  ؟

وليس الأمر مقتصراً على المخدرات فحسب  فإن التدخين لا يقل خطورة عن الإدمان على المخدرات , ولقد بات التدخين إحدى الظواهر السلبية التي تفشت في المجتمع  بين الرجال والنساء على حد سواء كالشيب الذي يغزو الرؤوس, وعلى الرغم من أن الشيب لا يكون إلا في كبار السن لكن مع هذا فإن التدخين لم يفرق بين صغير وكبير ولا رجل ولا امرأة فقد اتخذ من الأطفال قبل الكبار حضناً حاضناً وبيئة مناسبة له خاصة في ظل الظروف القاسية التي تعيشها المجتمعات خاصة المجتمعات العربية.

ناهيك عما وصل إليه أفراد تلك المجتمعات العربية من ترك المبادئ والتقاليد والأعراف الأمر الذي أدى بدوره إلى انتشار التدخين ولم يعد الأمر مقتصراً على التدخين بل كانت الطامة الكبرى كل يوم نرى كل ما هو جديد في عالم الإدمان, ولم يعد علاج الإدمان يقتصر على  علاج الحشيش وعلاج الكحول لكن في الواقع امتلأت مصحات علاج الإدمان بالمرضي من علاج إدمان الكبتاجون وعلاج إدمان حبوب ليريكا فالمخدرات صارت في المجتمعات كالمشروبات الغازية .

أسباب التدخين والإدمان على المخدرات يلوح بالواقع الأليم العصيب ؟

يسعى الإنسان دوماً إلى ما يوافق طبيعته النفسية من أجل إثبات نفسه على امتداد مراحل حياته المختلفة , فإذا ما واجه عائق في طريقه يمنعه من إثبات وجوده في إحدى مراحل الحياة  فإنه يبحث عن أكثر الطرق شيوعاً من أجل التخلص من الضعف الذي يشعر به ولا يجد الشخص فرصة ولا طريق أسهل من التدخين حيث يشعره هذا بالرضا عن النفس بسبب التأثيرات التي يتركها التدخين هذا إذا ما كانت مبادئه وخنه وضعيفة , حيث يعتبر السجائر نوع من أنواع المهدئات والإدمان وان كان علي نمط أخف من المخدرات , وفي الواقع علاج إدمان التدخين والحاجة إلى تعديل السلوكيات الإدمانية لا تقل أهمية عن علاج إدمان المخدرات وتعديل السلوكيات الإدمانية التي يقع فيها الأشخاص والتي تحتاج إلى المختصين .

لعل هذا السبب هو أهم الأسباب التي دفعت الكثير من الأشخاص إلى الإدمان على التدخين لكن لا يعد هذا هو السبب الوحيد لإقبال الأشخاص علي التدخين لكن هناك العديد من الأسباب التي تقود الأشخاص إلى التدخين وتعاطي المخدرات بشكل عام إذ يعد الفقر والظروف الاقتصادية العصبية والجهل بمخاطر الإدمان أو الغني الفاجر في ظل عدم المراقبة من قبل الوالدين أو الشعور بحالة من الفراغ  والرغبة في تجربة كل ما هو جديد وغيرها من الأسباب الحقيقية التي تدفع الأشخاص إلى القيام بمثل هذا الأفعال .

من أهم أسباب التدخين هي ضغط الأقران والأصدقاء في مرحلة المراهقة فالطفل أو المراهق الذي يجرب التدخين يحاول جذب أشخاص آخرين من الأصدقاء إلى دائرته كي لا يشعر بالعزلة حين قيامه بالأعمال الخاطئة , ومن ناحية أخرى سيتجيب المراهق للتدخين كنوع من الاندماج المجتمعي في المحيط الذي يعيش فيه والرغبة في تجربة شيء جديد .

غياب القدوة من أسباب دخول الكثير إلى عالم التدخين فأولاد المدخنين يكونوا أكثر عرضة لتجربة السجائر والتقليد يكون غالباً للآباء والأمهات ويأخذ الطفل تلك الطباع ويحاول أن يكون مثل والديه والأمر نفسه في عالم الإدمان على المخدرات فإذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشسمت أهل البيت الرقص !

كل ممنوع مرغوب لعلها القاعدة الأشهر في مرحلة المراهقة ولذا يكن حل المشكلة بالتوعية بطريقة لا تجعل الأشخاص يفكروا مجرد تفكير في تجربة التدخين فلا يكون المنع من خلال خط أحمر فقط بل يكون من خلال التوعية بأسباب منع التدخين .

أبرز براثن الأرقام التي تبرز خطورة التدخين والإدمان على المخدرات ؟

توالت الإحصائيات والدراسات حول التدخين والمخدرات على حد سواء فجاءت نتائج تنذر عن كارثة عظيمة ليست علي مستوي المجتمع العربي ولكن على مستوى العالم , فبحث تلك الدراسات في الوقت الذي بلغ عدد المدمنين في العالم 1.3 مليار مدخن بحسب الوكالة الدولية لأبحاث السرطان  , وقد أوضحت دراسة أجراها علماء مختصون في معهد كارولينسكا السويدية والتي أشارت منظمة الصحة العالمية إليها أن هناك 600 ألف شخص يموتون سنوياً بسبب التدخين السلبي وأكثر الأشخاص المتضررين من جراء التدخين السلبي هم الأطفال والنساء .

أما عن عدد مدمني المخدرات فقد أشارت الإحصائيات إلى وجود 185 مليون شخص مدمن في العالم يموت منهم 100 ألف شخص سنوياً بسب الإدمان على المخدرات لكن هذه النسبة في تزايد مستمر في ظل الانتشار الرهيب في المخدرات,فقد امتلأت سوق الإدمان بأنواع عديدة من المخدرات التي لم تكن نسمع عنها من قبل فجاء الكبتاجون ليجعل السعودية أكثر دول العالم استيراداً للكبتاجون والترامادول العقار المخدر الأكثر انتشاراً في مصر, والمصيبة أن أغلب هؤلاء الأشخاص من الشباب بناة المستقبل فلذا يجب أن تتكاتف الجهود من أجل علاج إدمان المخدرات .

المخدرات والتدخين في الوطن العربي  بين الاضمحلال والتفاقم ؟

في حقيقة الأمر بالرغم من تنبه المجتمع بكل أطيافه إلى خطر التدخين ومخاطر المخدرات والتي لا تقتصر على الفرد فحسب ولكن تضر بالمجتمع كاملاً إن لم تجر العالم كله إلى دائرة الهلاك وقد انكبت الهيئات العالمية والمؤسسات المختصة بتقديم كافة الحلول المتاحة والمبادرات من أجل الخروج من أزمة التدخين والمخدرات وقد نجحت نوعاً ما في بعض المناطق إلا أنها باءت بالفشل في العديد من المواقع فالمشكلة أن كل يوم ترى ما هو جديد في عالم المخدرات وفي ظل الظروف المجتمعية العصيبة التي كانت بيئة خصبة لانتشار المخدرات .

وقد أدرك الباحثين في مجال علاج إدمان المخدرات وعلاج التدخين آت الخلاص من تلك المشكلة الخطيرة لا يعود للمنظمات والهيئات فحسب لكن يجب أن يشارك الأفراد والمجتمعات جميعاً , كما يتطلب الأمر رغبة في الإصلاح ووضع المخططات على المدى البعيد والحاجة الكبيرة إلى الدعم المالي من قبل الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات العالمية والمساهمة في إنشاء مراكز علاج الإدمان حتى نتخلص من هذا الكابوس والشبح الذي يخيم على المجتمعات .