الإدمان على المخدرات مشكلة يعاني منها كافة المجتمعات العربية والغربية حول العالم وظهرت الكثير من الأبحاث والدراسات التي تحاول الوصول إلى العلاجات وحلول لمشكلة الإدمان والطرق الحديثة لعلاج الإدمان والقضاء عليه تماماً، والجدير بالذكر أن بعض من هذه الدراسات كان يتناول الإدمان على أنه مشكلة سلوكية تصيب الفرد ويمكنه التخلص منها بعد فترة، والبعض الآخر يعتبرها مشكلات جسدية تحتاج الخضوع إلى العلاج إلى أن تم التوصل إلى أن الإدمان يجمع بين الأثنين.
لذا أصبحت برامج العلاج تشمل علاج الجانب الجسدي والنفسي في ذات الوقت، وإلى جانب هذه البرامج العلاجية ظهرت الكثير من حلول لمشكلة الإدمان وطرق الوقاية من المخدرات، وذلك بهدف القضاء على مشكلة الإدمان التي تنتشر بين أبنائنا من الشباب بشكل كبير كرغبة في التجريب، من بعدها يصبح الفرد عاجز عن الإقلاع عن تناول المخدرات ويبحث عنها بشكل مضني لتناولها وذلك يحدث بسبب التأثيرات التي يتركها المخدر على المخ وعلى الجانب العصبي مسبب الاعتماد النفسي والجسدي لدى المدمن.
البحث عن حلول لمشكلة الإدمان علي المخدرات ليس مسؤلية الحكومات فحسب بل إن جميع أبناء المجتمع عليهم دور كبير للعمل علي مساعدة الأشخاص المدمنين في التعافي والوصول إلي علاج الإدمان وتخليصه من قيود التعاطي والعمل علي خلق مجتمع خال من الإدمان ,ومن ثم كان من أهم الأمور التي يجب مناقشتها هي انشاء العديد من مراكز علاج الإدمان المختصة وهي المجتمعات العلاجية التي توفر التعافي .
أما عن الطريق الأخر فالعمل علي التخلص من سموم المخدرات والقضاء علي المخدرات وسن القوانين الرادعة لكل من تسول له نفسه لبث تلك السموم من المخدرات بين أبناء المجتمع وغيرها من العوامل الهامة التي يجب أن نأخذها في الحسبان للعمل علي تخليص المجتمع من تلك السموم المدمرة .
جدول المحتويات
الإدمان علي المخدرات قضية مجتمعية
قبل التطرق إلي حلول لمشكلة الإدمان والتخلص منها فعلينا أن نتعرف أولاً أن مشكلة الإدمان واحدة من أخطر المشاكل التي تواجه المجتمعات , والتي تتسبب في العديد من العواقب والمشاكل الأخري والتي منها انتشار الجرائم وحوادث الطرق , وهناك العديد من المشكلات الأخري ومنها ضياع مستقبل وحياة الكثير من الشباب بالمجتمع وقد انتشر الإدمان في الأونة الأخيرة بين الشباب في الجامعات .
وهذا راجع إلي العديد من الأسباب ومن أهمها هي شعور عدد كبير من اولئك الشباب بالاحباط بسبب وجود عدد كبير جداً من العاطلين عن العمل وزيادة نسبة البطالة بصورة ملحوظة , ولكن علينا أن نعلم بأن ايجاد حلول لمشكلة الإدمان لا يقتصر علي الدولة بل كل شخص في المجتمع عليه دور كبير في العمل علي خلق مجتمع خالي من الإدمان .
من أكبر أسباب الإدمان علي المخدرات هي الترف الزائد عن الحد وغياب الرقابة عن عدد كبير من الشباب , فقد أدي الأمر إلي انتشار المخدرات وكذلك بعض الأفلام والمسلسلات التي تقدم في الاعلام والتي كان لها دور سلبي في سعي الأشخاص في طريق الإتجار في المخدرات , واعتقاد الأشخاص أن المخدرات هي الملجأ للهروب من المشكلات ونسيانها غافلين بذلك الأمور المترتبة علي الإدمان علي المخدرات من ضياع للمستقبل إلي جانب فقدان الحياة .
ومن هنا فإن الدول التي يوجد بها عدد كبير جداً من مدمني المخدرات تسعي بشكل جاد وسريع إلي إيجاد حلول لمشكلة الإدمان للحد من ادمان المخدرات في داخل المجتمع .
حلول لمشكلة الإدمان
انتشار ظاهرة الإدمان سواء الإدمان السلوكي أو إدمان المخدرات أدى إلى وجود الكثير من البرامج العلاجية التي تهدف لعلاج الإدمان، ويختلف البرنامج المستخدم باختلاف الحالة الصحية والنفسية للمريض إلى جانب مدة تعاطي المخدرة أو القيام بالفعل السلوكي الإدماني، والجدير بالذكر أن الدولة لم تتوقف عند ذلك حيث قامت بالبحث المضني عن حلول لمشكلة الإدمان بهدف توعية الشباب والقضاء على المشكلات الإدمانية التي تظهر كل يوم، ومن ضمن الحلول لمشكلة الإدمان التي قدمت للقضاء على مشكلة الإدمان الآتي:
1 – الأسرة
يعد دور الأسرة فعال جدا في حل مشكلة الإدمان وذلك لأن الكثير من حالات الإدمان تكون ناجمة عن قلة توعية واهتمام الأسرة بأبنائها، خاصة في مرحلة الشباب، حيث تعد من المراحل الحرجة التي يمر بها الفرد خلال حياته والتي تشكلة بحسب مدى رعاية الأهل واهتمامهم، حيث من الضروري أن يوفر الأهل الأمان النفسي لأبنائهم وتوعيتهم بمدى خطورة المخدرات التي تعمل على العصف بحياة الفرد واستقراره، إلى جانب التعرف على الأصدقاء المحيطين بالأبناء والذي يكون له تأثير كبير على الشباب خلال فترات حياتهم المختلفة.
2 – دور العبادة
تعد كل من المساجد والكنائس عامل مهم في التصدي لانتشار الإدمان، فيعتبر رجال الدين ذو صوت ورأي مسموع بين كافة الفئات العمرية، وطرح مشكلة الإدمان في دور العبادة وتوضيح الأضرار التي يسببها المخدر على جسم الإنسان، إلى جانب الإشارة بحرمانية تعاطي المخدرات لما فيها من أذى على حياة الفرد، كما أنها تعد من مذهبات العقل، وهو ما جاء ذكره في القرآن الكريم أنه محرم ويعاقب عليه المولى عز وجل.
3 – وسائل الإعلام
تشكل وسائل الإعلام مصدر فعال في مواجه مشكلة الإدمان بسبب قدرته على التأثير على الشباب، لذا من الضروري استغلال أي وسائل إعلام تصل إلى الشباب سواء كانت البرامج التلفزيونية أو من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وذلك في محاولة لطرح المشكلات المختلفة التي يسببها تعاطي المخدرات على الفرد وقدرته على تغيير الحياة إلى الأسوء.
4-تحذير وسائل الإعلام من خطورة بث تلك الأفلام التي قد تكون عامل كبير علي نشر المخدرات في المجتمع , ويجب أن يتم بسرعة وعلي كافة وسائل التواصل الإجتماعي ووسائل الاعلام التي تصل إلي الشباب , فعليهم تقديم المواد الاعلامية التي تصل إلي الشباب , كما عليهم تبان مدي خطورة الادمان علي المخدرات وضرورة الابتعاد عنها , فلو كانت المخدرات سبب في الهروب من المشكلات التي تواجه الانسان فإنها أيضاً تتسبب في حدوث العديد من مشاكل أعمق وأكبر في المستقبل .
5-من أهم حلول لمشكلة الإدمان عمل أفلام وثائقية تحذر من خطورة الإدمان , فمن المعروف أن الشباب والمراهقين يتاثرون كثيراً بما يشاهدونه بالاعلام من الأفلام أو الحملات الدعائية , ومن هنا يجب العمل علي تقديم الأفلام التي تحث أولئك الشباب علي الابتعاد عن تلك المخدرات , ويجب علي الدولة منع اذاعة الافلام والمواد الاعلامية التي تشجع الشباب وتحثهن علي ادمان المخدرات , وبعض المواد الاعلامية التي يظهر فيها تجار المخدرات بصورة الثري أو انه شخص قدوة لأولئك الشباب فما يبث في تلك الأفلام دافع كبير للايقاع بهم في طريق الإدمان , ففي واقع الأمر فإن الإعلام الحر والملتزم يجب عليه أن يقدم دور فعال في المجتمع الذي يعيش فيه ويكون مفيد للشباب والمجتمع بأكمله .
6-دور العبادة حيث المساجد والدعاة للتحذير من تعاطي تلك السموم من أنواع المخدرات وحرمة تعاطي أي من أنواع المسكرات أو المفترات , ومن هنا نري اهمية الحديث عن علاج إدمان المخدرات بالقران وأهمية العمل علي خلق مجتمع خال من الإدمان , فلا شك أن خطر وضرر تعاطي الخمور أقل من خطر وضرر المخدرات فمن هنا فلا ريب علي حرمة تعاطي المخدرات بسبب الضرر البالغ التي تتسبب فيه تلك السموم من المخدرات .
7-الاجراءات العلاجية للعلاج والوقاية من الإدمان , فهناك العديد من الاجراءات التي تسمي بالإجراءات العلاجية من شأنها العمل علي علاج الأشخاص الذين قد تعاطوا المخدرات بالفعل ومنها بناء المصحات ومستشفيات علاج الإدمان والتي تعمل علي مساعدة أولئك الشباب من أجل التخلص من الإدمان , ومن أجل العمل علي إعادة تأهيل مدمني المخدرات من أجل القدرة علي مواصلة الحياة من جديد وحتي يستطيعوا عمل أهداف وخطط يسيرون عليها في حياتهم من أجل تحقيق نجاحات ويتخلصوا من الإدمان , ومن هذه المستشفيات التي كان لها دور كبير في العمل علي تأهيل المرضي من مدمني المخدرات فهي مستشفي ميديكال للطب النفسي وعلاج الإدمان وهي من مراكز علاج الإدمان المرخصة والتي لها باع كبير في العمل علي اعادة المرضي إلي حياتهم من جديد بعيدا عن عالم المخدرات .
8-الاجراءات الأمنية التي تحد من المخدرات , فبالاضافة إلي أن هناك دور أخر وهو الدور الأمني والذي تقوم به الجهات الرقابية حيث يتم تزويد الحراسة والعمل علي تشديد الانتباه علي الحدود للدولة , ومن هنا نعمل علي منع دخول المخدرات إلي الدولة بداخلها ,وكذلك فإنه يجب أن يتم تشديد العقوبات بشكل كبير جداً علي مدمني المخدرات , وعلي الأشخاص الذين يتاخرون في تلك السموم ويبيعونها للشباب حتي يقتلوهم , وهناك كثير من الدول التي تقوم بعمل الاجراءات اللازمة للحد من تعاطي المخدرات حيث أنها تقوم باجراء تحليل المخدرات لجميع السائقين , فلو ثبت تعاطي المخدرات للسائق يتم سحب الرخص وفرض العقوبات الصارمة عليه والتي قد تصل إلي السجن والغرامة .
كل تلك الاجراءات يمكن القيام بها حتي يتم منع انتشار تلك السموم من أنواع المخدرات ومنع كثرة انتشار مدمني المخدرات بالبلاد لن تتم إلا مع تتضافر جميع الجهود سواء تلك الجهود الفردية والجماعية من قبل الدولة , حيث انه في حال تضافر أجهزة الدوة فإنه وبلا شك سيتم تقليل نسبة الإدمان بصورة كبيرة جداً ومع ذلك فمن خلال توعية الشباب بخطورة الإدمان علي الصحة وعلي الحياة بشكل عام خاصة أضرار المخدرات علي الحياة الإجتماعية فضلاً عن مخاطر وأضرار الإدمان علي الصحة النفسية والجسدية فهي تتسبب في العديد من الأمراض كما أن الجرعات الزائدة من المخدرات قد تتسبب في الوفاة .
التخلص من الإدمان
التخلص من مشكلة الإدمان تقع على عاتق كل من الأسرة، المدمن ومن بعدها مراكز علاج الإدمان المتخصصة، ويعد مركز ميديكال لعلاج الإدمان والطب النفسي واحد من المراكز المتخصصة في علاج الإدمان والتي تساعد المدمن على التخلص من الإدمان بشكل نهائي، من خلال توفير كادر طبي متميز ومتخصص في علاج الإدمان، إلى جانب البرامج العلاجية التي تختلف عند استخدامها من فرد إلى آخر وهذا ما يحدده الطبيب بعد القيام بمرحلة الكشف الطبي، وتشمل طريقة التخلص من الإدمان الخطوات الآتية:
1 – الكشف الطبي
أولى المراحل التي يخضع لها المدمن عند دخوله إلى مركز علاج الإدمان هو الخضوع للكشف الطبي الذي يشرف عليه مجموعة من الأطباء المختصين في علاج الإدمان وكذلك في مجال علاج الأمراض النفسية والعقلية وذلك للتعرف على الصحة النفسية للمدمن ومدى تأثير المخدرات على الجانب النفسي والعقلي له، حيث أن هذا الكشف الطبي يحدد من خلاله الطبيب البرنامج العلاجي المتبع خلال رحلة العلاج والتخلص من الإدمان.
2 – سحب السموم من الجسم
تعد المرحلة الفعالة في التخلص من الإدمان والوصول إلى التعافي التام من المخدرات، حيث تعتمد هذه المرحلة على التوقف التام عن تناول المخدر، والذي يعقبه ظهور أعراض انسحابية على المريض لذا يتم الاعتماد على الأدوية والتي تعمل على سحب السموم من الجسم إلى جانب التقليل من الأعراض الانسحابية الجسدية والنفسية فتمر هذه المرحلة بدون ألم.
3 – العلاج النفسي والتأهيل السلوكي
تعتبر هذه المرحلة غاية في الأهمية وذلك لقدرتها على علاج الأعراض النفسية التي ظهرت على الفرد خلال مرحلة العلاج وكذلك الأسباب التي أدت إلى التوجه إلى المخدرات في الأساس، حيث أن علاج هذه المشكلات النفسية تقي من الوقوع في وحل الإدمان مرة أخرى كما أنها تقلل من نسب الانتكاس.
كما تتضمن هذه المرحلة التأهيل السلوكي والذي يعالج كافة السلوكيات الإدمانية وتحويلها إلى سلوكيات إيجابية، إلى جانب تأهيل الفرد للانخراط في المجتمع وتعامل مع المشكلات التي يواجهها دون اللجوء إلى المخدرات.
4 – المتابعة بعد التعافي
لا توفر كافة المراكز العلاجية هذه المرحلة بعد وصول الفرد إلى التعافي، على عكس مركز ميديكال لعلاج الإدمان الذي يسعى جاهداً إلى توفيرها من خلال الجلسات النفسية الفردية والجماعية، وتهدف هذه المرحلة إلى التقليل من حالات الانتكاس وزيادة نسبة التعافي، وذلك من خلال مساعدة المتعافيين في حل المشكلات التي يتعرضون لها في الحياة دون اللجوء إلى تعاطي المخدرات.
علاج الإدمان من المخدرات في المنزل
في الآونة الأخيرة ظهر بروتوكول تلقي علاج الإدمان في المنزل، والجدير بالذكر أن هذا كان موجود منذ فترة كبيرة ولكنه ليس تحت إشراف الطبيب حيث يعتمد المريض على نفسه ويتوقف عن تناول المخدر وفي بعض الحالات يلجأ إلى تناول بعض الأعشاب ظناً منه أنه من الممكن أن تساعد هذه الأعشاب على تخطي مرحلة العلاج.
لكن هذه الطرق لم تنجح بشكل كبير إلا أن ظهر بروتوكول علاج الإدمان في المنزل الذي يتم المراقبة عليه من قبل مراكز علاج الإدمان، ويفضل الكثيرين الخضوع للعلاج في المنزل لعدة أسباب منها عدم القدرة على الإقامة في مركز العلاج طول فترة الخضوع للعلاج أو عدم رغبة معرفة المجتمع بالمشكلة التي يعاني منها المدمن، وذلك بسبب نظرة المجتمع لتعاطي المخدرات.
ويتضمن علاج الإدمان في البيت الخضوع للكشف الطبي من ثم يشرح الطبيب المختص بروتوكول العلاج لكل من المريض وأفراد الأسرة، كما يوضح الأعراض الانسحابية التي من الممكن أن يعاني منها الفرد والطرق الصحيحة للتعامل معها، كما يحدد الطبيب الأدوية التي سيتم تناولها خلال مرحلة سحب السموم من الجسم، والجرعات التي سوف يتم تناولها دون الإفراط لتجنب أي مشكلة من الممكن أن تحدث.
الجدير بالذكر أن برنامج علاج الإدمان في المنزل يكون فعال في بعض الحالات ولا يكون فعال في بعضها الآخر وذلك على حسب الحالة التي وصل لها المدمن ومدة الإدمان وكذلك نوع المخدر، لذا فإنه لا غنى عن الخضوع لعلاج الإدمان في مراكز علاج الإدمان التي توفر العناية الطبية المتكاملة على مدار الساعة.
تعاطي المخدرات هو أمر ينافي العادات والتقاليد كما أنه ذنب يعاقب عليه المولى عز وجل، وذلك لما له من أضرار نفسية وجسدية تعود على المدمن، لذا فإن الخضوع لعلاج الإدمان ليس أمر خاطئ بل الخطأ هو الخوف من خوض رحلة العلاج خوفاً من نظرة المجتمع، وهو أمر أصبح يمكن معالجته وتفاديه من خلال طلب المساعدة من مراكز علاج الإدمان والخضوع للعلاج في المنزل.
موضوعات ذات صلة: